إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
145065 مشاهدة print word pdf
line-top
إعانة الله للحجاج على إتمام مناسك ومشاعر الحج

السلم عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قد يسر الله لكم إتمام أكثر المشاعر وإتمام أكثر المناسك، فيسر لكم الرحلة والسفر من بلادكم بعيدة أو قريبة، وكان السفر فيما تقدم فيه شيء من الصعوبة والكلفة ولكن يسره الله في هذه الأزمنة.
ويسر لكم ثانيا: عقد النية الذي هو الإحرام؛ فإن الإحرام نية النسك، فعقدتم الإحرام بما لبيتم به، وسهل الله تعالى ذلك.
ويسر لكم ثانيا أو ثالثا: ترك المحظورات التي نهيتم عنها في حالة الإحرام؛ فتركتم لبس المعتاد من الثياب، وتركتم تغطية الرءوس وسترتها في حالة الإحرام، وتركتم الترفه بالطيب، وبقص الشعر وبتقليم الأظفار، وتركتم ما تميل إليه النفوس من الشهوات فيما يتعلق بالنساء من وطء أو استمتاع أو نحو ذلك، وتركتم الجدال والخصومات في الحج التي نهاكم الله عنها، وتركتم المعاصي صغيرها وكبيرها، معاصي اللسان ومعاصي العينين ومعاصي الأذنين ومعاصي اليدين والرجلين والفرج والبطن ونحوها، أعانكم ربكم على تركها في هذه المشاعر احتراما للمكان واحتراما للعبادة وطواعية لأمر الله تعالى.
وأعانكم رابعا: على المبيت بمنى في اليوم الثامن تقربا إلى الله تعالى.
وأعانكم خامسا: على الوقوف بعرفة في اليوم التاسع، وخضعتم في ذلك اليوم وخشعتم وتواضعتم لله تعالى، وتضرعتم إليه ودعوتموه بخشوع وبخضوع، ورفعتم إليه أكف الضراعة، ورفعتم أصواتكم بالتلبية وبالذكر وبالدعاء وبالقراءة خشوعا وتواضعا بين يدي الله تعالى.
وأعانكم سادسا: على الانصراف من عرفة ووصولكم إلى مزدلفة التي هي المشعر الحرام، وتقربتم إلى الله تعالى بما تقربتم به من الذكر والصلاة والعبادة في ذلك المكان.
وأعانكم سابعا: على الإفاضة من مزدلفة إلى منى في ذلك اليوم الذي هو يوم الحج الأكبر الذي هو يوم العيد، وتقربتم فيه بما تقربتم به؛ فرميتم الجمار جمرة العقبة التي رميها ذكر لله سبحانه وتعالى، وكذلك تقربتم إليه بحلق الرءوس أو بتقصيرها، وتقرب من تقرب منكم بالطواف بالبيت الذي هو ركن من أركان الحج، وبالسعي لمن كان متمتعا، أو لمن كان قارنا ولم يكن قد سعى قبل ذلك.
وكذلك تقربتم إلى الله بذبح ما أمرتم به من ذبح الهدايا والفدية وما أشبهها، كل ذلك من القربات التي تقرب بها الحجاج في هذه الأيام. هذه القربات لا شك أنها طاعات، وأن الذي يفعلها يحتسب أجرها ويرجو برها وذخرها، ويؤمل الثواب الذي رتب عليها؛ وذلك لأن ربنا سبحانه وتعالى وعد الذين يتقربون إلى الله بأنواع القربات، أن يثيبهم ثوابا عظيما وأجرا كبيرا؛ حيث إنهم تعبدوا لله وتواضعوا له، وفارقوا أهليهم، وفارقوا أوطانهم، وفارقوا أماكنهم وحرفهم وأموالهم كل ذلك طلبا لرضا الله ورجاء لجزيل ثوابه.
نعرف أن الأعمال بالنيات، فمن كانت نيته رضا الله تعالى وإجابة دعوته في قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وطلبا في مغفرة الذنوب، وفي الثواب العظيم الذي هو دخول الجنة والنجاة من النار؛ فإن هذه نية صادقة؛ فيثاب عليها، ويقبل الله تعالى منه.
ومن كانت نيته التمدح والرياء وكذلك التزلف إلى الناس، وحب الشهرة؛ فليس له إلا ما نوى، حجه ونيته تفسد عليه أعماله التي عملها.
ولكن نحسن الظن بكل مسلم إذا عرفنا أنه والحمد لله من عباد الله الصالحين الذين يحبون الله، ويحبون عبادته، ويعرفون أنهم عبيد له، وأنهم مخلقون لربهم، وأن الذي خلقهم ورزقهم فرض عليهم أن يطيعوه ويعبدوه ويحمدوه وحده، وأن يعترفوا بأن ما بهم من نعمة فمن الله تعالى، يعترفون بذلك حتى يأجرهم، ويعظم ثوابهم، ويكتب لهم الأجر المضاعف.

line-bottom